رواية و كتاب: الطيب صالح… الوجدان الشرقي في الغرب

الخميس، 18 أكتوبر 2012

الطيب صالح… الوجدان الشرقي في الغرب

الطيب صالح وإشكالية الآخر

الطيب صالح… الوجدان الشرقي في الغرب

العرب أونلاين- لنا عبد الرحمان

كتابات الأديب السوداني الطيب صالح تبقى رؤية جديدة لذلك النوع من أدب المهجر الذي يصور الآخر بطريقة مغايرة، وبنكهة أفريقية مئة بالمئة، الطيب صالح في موسم الهجرة إلى الشمال سافر إلى ما وراء البحار، إلى الغرب، لكنه ظلّ عربيّا في ميولاته ورواياته، وتفاصيل حياته.

السفارة السودانية في ألمانيا أقامت حفلا إحياء للذكرى الثالثة لرحيل الأديب الكبير الطيب صالح. وجاءت برلين لتكون حاضنة لإبداعات الطيب صالح، لأنه منذ بدء دور النشر الألمانية والسويسرية ترجمة روايات الطيب صالح إلى اللغة الألمانية في الثمانينات نشأت علاقة أدبية عميقة بين المهتمين من القراء والمختصين الألمان".

ويرد في محاضرة حامد فضل الله التي حملت عنوان " الطيب صالح في عيون الألمان" أن بعض النقاد الألمان كانوا يرون الطيب صالح منذ الستينات أحد الأصوات الأفريقية الواعدة، واعتبروا رواياته نصوصا أدبية للبحث وكشف آثار ما خلفه الاستعمار في أفريقيا.

ويتضح من المقدمة وجود صلة وجدانية بين الطيب صالح نفسه وبين ألمانيا، لأنه كان مهتما خلال زيارته لهذا البلد بتدوين حيثيات رؤيته لبلد جوته ونيتشه.

كما أنه كان معجبا بالإبداع الهندسي الخلاق للشعب الألماني، وبمبدعيهم من الفلاسفة والأدباء والشعراء.

وقد سلط الضوء في كتابته على المدن الألمانية، وأوغل في الوصف، واستدعاء التاريخ حين يصفها ويستعرض مبانيها وأهلها، ومما يرد في المقدمة عن علاقة الطيب صالح بالمدن الألمانية " عندما يكتب الطيب صالح عن تاريخ زيارته لبعض المدن الألمانية، فهو يكتب عن التاريخ الاجتماعي والسياسي للشعوب، حيث يقودك عبر سياحة فكرية عميقة، ومراجعات تاريخية ثرية، إلى إعادة تجسيم التاريخ القديم، ببعث شخوصه، ومعاركه، وإنجازاته، وأحداثه حية حتى تكاد تظنها تسعى بين الناس" "ص11".

في المحاضرة التي حملت عنوان "الطيب صالح في سياق العلاقات العربية الأوروبية" تناول خالد المبارك ثلاثة محاور فأوجزها، أولا: ما يمثله الطيب صالح، ثانيا التيارات التي تجاذبته، ثالثا القضايا الخلافية.

يواجه خالد المبارك قضية هامة في أدب الطيب صالح، وسيكولوجيته أيضا، وهي إصراره أن يكتب باللغة العربية، حيث وجهت إليه انتقادات من منصور خالد وفرانسيس، ووجهة نظرهما بأنه كان بإمكانه الكتابة بالإنكليزية. ويورد خالد المبارك وجهة نظره بأن انتصار الطيب صالح للقضية الفلسطينية وإصراره على الكتابة بالعربية من الأمور التي حالت بينه وبين الحصول على جائزة نوبل يقول: " لو أن الطيب صالح انتمى للحركة الشعبية، أو هاجم المقاومة الفلسطينية، لوجد استحسانا من الغرب والراكعين له. لو فعل ذلك لنال جائزة نوبل التي استحقها"."ص34".

يرى مبارك أيضا أن ثمة فجوة بين عدد من محللي أعمال الطيب صالح حيث قاموا بفصل رواياته وقصصه القصيرة عن مقالاته السياسية والاجتماعية. ويرى أن هناك صلة جديرة بوقفة مطولة. وفي ختام محاضرته قال: " الطيب صالح كان سودانيا وبريطانيا وألمانيا وصينيّا وروسيا وكنغوليا لأنه استند إلى لغته العربية وتجاوز الحدود ليعبر عن مشاعر إنسانية شاملة" "ص 38".

وفي مقالة لهانز بيتر كونس قام بترجمتها إلى العربية كل من حامد فضل الله، و أمير حمد بعنوان " الإنجليزي الأسود على ضفاف النيل"، سلط فيها الضوء على رواية موسم الهجرة إلى الشمال معتبرا أنها نموذج لأدب ما بعد الكولونيالية.

وتحت عنوان " معضلة الهوية" يكتب حميد الخاقاني محاضرته التي يطرح فيها أسئلة عن أزمة الهوية، وعن علاقته مع رواية " موسم الهجرة إلى الشمال". يطرح الخاقاني سؤاله عن الهوية انطلاقا من قول الطيب صالح في أحد حواراته : " عندما تسألني عن مفهومي للهوية أفضل أن أفصل نفسي عن الأشياء، ومن ثم لا تؤرقني قضية من أنا، يلح هذا السؤال فقط أثناء الكتابة"

يقول الخاقاني: "ألا يمكن أن يعني الطيب هنا أن الهوية ليست شيئا صخريا ثابتا، وإنما هي كما الحياة متحركة، متغيرة، تأخذ من غيرها، وتعطي لغيرها على الدوام والمتفوق يعطي في الغالب أكثر مما يأخذ""ص46".

وتكشف محاضرة " معضلة الهوية" وجهة نظر صاحبها أن الكتابة هي جسر الغريب المعلق بين مكانين وثقافتين.

وكتب أحمد حسو في محاضرته " الطيب صالح.هل أقول وداعا؟" عن زمن تعارفه على أدب الطيب صالح عندما كان طالبا في سوريا، وتحدث عن لعنة رواية " موسم الهجرة إلى الشمال" قائلا: "إن هناك إجماعا كونيا بأن موسم الهجرة إلى الشمال هي الطيب صالح، والطيب صالح هو موسم الهجرة".

وفي محاضرة عبد الرحمان الخانجي التي حملت عنوان " الطيب صالح ولعبة السيرة الموازية" تناول فيها عالمية الطيب صالح، وكيف أنها تشكلت من رحم البيئة السودانية، كما أنها مرآة حقيقية تعكس الحياة السودانية بين مد الحياة وجزرها. وركز عبد الرحمان على رواية " المنسي" قائلا : " لعل موسم الهجرة إلى الشمال حملته عبئاً إذ لم يكن في قدرته أن يقدم عملا أقل منه، فكان " المنسي" هو عمله الجديد في محاولة للمزج بين السيرة والرواية".


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق