رواية و كتاب: في رواية كريستيان سيغنول الجديدة (حياة من الضوء والريح) ..عندما تصبح الحرب فسحة للأمل

الخميس، 18 ديسمبر 2014

في رواية كريستيان سيغنول الجديدة (حياة من الضوء والريح) ..عندما تصبح الحرب فسحة للأمل



ترجمة: عدوية الهلالي


في رواية كريستيان سيغنول الجديدة، يقتفي الكاتب الفرنسي آثار بطله جان دولين منذ ان تركته والدته طفلا رضيعا في حقل مهجور وعثر عليه مزارعان فقاما بتبنيه وتربيته بطريقة خشنة وفظة لدرجة انه يجد في اندلاع الحرب العالمية الثانية منفذا للأمل بالخلاص.
تمثل حياة الطفل اللقيط جان سلسلة من المصائب فبعد ان هجرته والدته وعثر عليه المزارعون في يوم القديس جان واطلقوا عليه اسمه ، قاموا بايوائه ولم يعاملونه كطفل ابدا بل كواحد من حيواناتهم فهم يرفضون ارساله الى المدرسة لأنهم يجهلون القراءة والكتابة ولايريدون ان يكون ابنهما المتبنى افضل منهما كما ان عليه ان يكسب لقمة عيشه، حسب قوانينهم.
تؤثر هذه الاحداث في حالة جان النفسية فيشعر بأنه مدمر تماما بسبب الخوف والعزلة ...ويصف الكاتب سيغنول شخصية وظروف بطله جان بهذه الكلمات فيقول : " في عالم من الرياح ..في عالم من الصخور ..وعالم من الأسرار ...هنا نشأ جان دولين وهو يتطلع الى أمل بالخلاص مهما كان ضئيلا ..لم يكن يعرف بأن هناك حياة في اماكن اخرى خارج الحقل الذي يعيش فيه وبأن هذه الحياة ربما تكون جميلة جدا، لطيفة ومليئة بالابتسامات ومختلفة جدا عن تلك الحياة التي يعيشها مع أولئك المزارعين.. كان يحلم بشيء بسيط جدا ..مداعبة من يد حانية ..ابتسامة من وجه محب.. كلمات لطيفة تشفيه ونظرة تبعث فيه الاطمئنان".
عندما بلغ جان الحادية والعشرين من عمره وجد في اندلاع الحرب العالمية الثانية فرصة للخلاص وبالفعل فقد سمحت الخدمة العسكرية له بتعلم القراءة والكتابة ثم التقى خلالها بـ(فابر) الذي لم يكن معلما له فحسب بل منارا اضاء له حياته كما التقى جان بآخرين منحوه لحظات رائعة لكن مخاوفه الطفولية لم تفارقه وظل يخشى دائما ان يعثر عليه أحد ما ويعيده الى الحقل الذي تربى فيه.
يمكن اعتبار رواية سيغنول الجديدة اكثر قتامة وكآبة من سابقاتها لكن هذا لايعني عدم وجود بصيص أمل، فهذه الرواية هي من أفضل نصوصه لأن هناك منابع للحيوية والدفء في قصة جان مع كثافة في المشاعر كما ان الكتاب يستحضر الطفولة او بالأحرى عبء السنوات الأولى.
ويستذكر سيغنول قول فيرات "لا احد يشفى من طفولته" وقول جيم هاريسون "ما هو القدر ان لم يكن ثقل الطفولة".. وتتحدث روايات سيغنول لكل العالم كما تمتلك قوة الاقناع ونبل التواضع وتترك أصداءها لزمن طويل.. تحمل روايته الجديدة عنوان (حياة من الضوء والريح) وقد صدرت مؤخرا عن دار البان ميشيل للنشر بـ(248) صفحة.
ولد الكاتب كريستيان سيغنول في قرية على سفح كوس وعاش حياة سعيدة بين والديه وجديه وحين التحق بمدرسة قريته التهم كتب مكتبتها واستمتع بالمناطق الريفية المحيطة بقريته، وكانت اسعد لحظات طفولته تلك التي يمضيها وقت الحصاد وموسم قطاف العنب وجمع الفطر وحفلات الصيد في الصيف ..
وفي الحادية عشرة من عمره، التحق بالقسم الداخلي التابع لثانوية بريف وعاش مأساة ابتعاده عن وطنه الأم ..يقول سيغنول "هذا التمزق هو الذي جعل مني كاتبا"، وبعد دراسته للآداب والقانون بدأ حياته العملية كمدير للتحرير في رئاسة بلدية بريف.. وفي عام 1984، بدأ الكتابة ونشر له روبير لافون روايته الاولى ( الحصى الازرق) المستوحاة من طفولته فحقق نجاحا كبيرا واعقبتها روايات ( النعناع البري ) و(طريق النجوم) و(اشجار اللوز تزهر حمراء) بين عامي 1990 و1993 ، اما روايته (نهر الأمل ) فقد جعلت منه واحدا من اكثر الكتاب المقروءة كتبهم على نطاق واسع في فرنسا ، كما تم اقتباس روايته ( بحارة من دورون ) لتصبح واحدة من اشهر المسلسلات في التلفزيون ، وبيع منها اكثر من مليوني نسخة في العشر سنوات الاخيرة ..ومنذ ذلك الحين تتوالى روايات سيغنول التي تحوي ذكريات وملاحم تاريخية عظيمة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق